مشاركة مميزة

المدن الذكية مدن آمنة - Smart Cities are Safe Cities

Khalid Moussa idris
المؤلف Khalid Moussa idris
تاريخ النشر
آخر تحديث

المدن الذكية مدن آمنة 
Smart Cities are Safe Cities

المدن الذكية مدن آمنة - Smart Cities are Safe Cities

تمهيد

المدن الحضرية والمدن الذكية التي تدير بياناتها ومعلوماتها ومصادر معارفها العديدة وفق متطلبات مفاهيم البيانات المفتوحة (Open DATA) وتتخذ قراراتها بناءً على ما تجمعت لديها من البيانات الحجمية أو العملاقة أو الضخمة (Big Data)، بالإضافة إلى مدى استغلالها لعمليات الإحصاء المتعلقة بتوفير القراءات وتحليلها لصالح ترسيخ متطلبات الحوكمة والمعلومات التي تنشرها على بواباتها في شبكة الإنترنت

إلا أن بعض المدن قد تعجز في الاستفادة منها في بعض الأوجه، ومنها المتعلقة بأمنها وسلامتها من جراء معالجة المخاطر الطبيعية والحالات الجنائية وكافة المهددات والكوارث التي قد تتعرض لها المدينة في بنيتها التحتية والبيئية وسلامة مجتمع المقيمين بها والزائرين إليها.

حيث يتطلب تحقيق عامل الأمن للمدن، إدارة مؤسساتها العامة والخاصة، وفق نظم الحوكمة الراشدة التي تنتهجها وتدير بها أعمالها التجارية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والدفاعية المتمثلة في أمنها القومي، مع ضرورة التفاعل الإيجابي وردود الفعل الإيجابية من مجتمع المدينة تجاه الحالات غير الأمنة وغير المتوقعة والتعامل معها بشكل استباقي.   

هذا بالإضافة إلى ضرورة الاستفادة من هذه البيانات الحجمية ومعالجتها وإدارتها عبر منصات وواجهات البرمجيات التطبيقية المنتشرة على شبكة الإنترنت، وأجهزة الرقابة والحساسات المنتشرة بالمدينة، والخادمات (الملقمات) الموزعة على مواقع الحوسبة السحابية ووسائط التخزين متعددة المهام والأنواع.

أي يجب أن تراعي إدارة المدن الذكية، احتياطات الأمن والسلامة والسرية والخصوصية لقواعد بياناتها المفتوحة والكبيرة أو الحجمية، أثناء إدارة تلك المعطيات التفاعلية واستغلالها أثناء مراحل تنفيذ أنشطة العمليات والإجراءات الخاصة بإدارة مختلف القطاعات التشغيلية الحيوية بالمدينة الذكية. مع المحافظة على استدامتها.

كما عليها الاستفادة من هذه البيانات والمعارف الإحصائية المجمعة، بعد دراستها وتحليلها في وضع وصياغة خططها الاستراتيجية والتشريعية بشكل استباقي،

على أن تراعي فيها حجم ونوع وشكل أو خصائص تلك البيانات وتوزيعها حسب درجة أهميتها وتأثيرها في الحراك التفاعلي للبيانات والممارسات العملية في الأنشطة المجتمعية وسلوك الأفراد ضمن مجتمع المدينة ومن ثم الاستفادة منها في اتخاذ القرارات التفاعلية المناسبة عند إدارة ومعالجة المخاطر والحد من حالات الطوارئ والكوارث والمرونة في حالات إعادة التنظيم ومعالجة التحديات، وبالتالي القدرة على الصمود والمراقبة والمراجعة والتطوير في آليات تعزيز الأمن والسلامة في جميع قطاعاتها الحيوية.

محاور المدن الآمنة Safe Cities hubs

  • حماية البيانات والخصوصية Data protection and privacy
  • التعافي من الكوارث Disaster recovery
  • الطوارئ والتشريعات Emergencies, legislation
  • السلامة العامة Public safety
  • الأمن السيبيري لشبكات الإنترنت Cyber security
  • التنظيم والمرونة Regulation, resilience
  • المراقبة الفاعلة Surveillance
  • إدارة المخاطر، وتكنولوجيات الأمن Risk management, Security Technologies

مقدمة

أن تُعد حياة آمنة، ومستقرة، ومطمئنة بعيدة من الجرائم بكافة أشكالها وأحجامها من أهم متطلبات جودة الحياة الكريمة والسعادة في المجتمعات البشرية، خاصة في المجتمعات العمرانية (الحضرية والذكية)، إذا توفر الغذاء، والصحة، والعلاج، والتعليم. إذ تُشكل كل ذلك احتياجات ضرورية في الحياة، وهي ما تهدف إليها عادة أهداف التنمية المستدامة في الرؤية 2030 للأمم المتحدة.

سأتناول اليوم باختصار محاور تحقيق الأمن بالمدن الذكية، من خلال عدة جوانب تُعتبر عامة ورئيسية، كما أن للمجتمع دور حيوي وأساسي في الحفاظ على الأمن العام في المدن الذكية، وهذا الدور يرتكز بدوره على عدة محاور وأبعاد متداخلة ومتكاملة عند تحليل مفهوم المدن الذكية كمدن آمنة.

المدن الذكية مدن آمنة - Smart Cities are Safe Cities

أولاً: المحاور العامة 

وهي المتطلبات الرئيسية في توظيف التكنولوجيا لتعزيز الأمن والسلامة، لهذا تستخدم غالبية المدن الذكية العالمية أنظمة وتقنيات تكنولوجية متقدمة لتعزيز الأمن العام وسلامة المنشآت. من خلال: - 

1. أنظمة التعرف الآلي على الخصائص الفيزيائية الفريدة للأفراد، 

تٌستخدم الأنظمة الآلية لإدارة البيانات من خلال بنوك البيانات البايومترية. 
  • لتساهم هذه التقنيات في سرعة اتخاذ القرارات الآنية وتوفير حلول فعالة لإدارة القطاعات الحيوية في المدينة.
  • استخدام القياسات الحيوية لتوفير تحكم آمن في الوصول إلى الخدمات العامة والمباني وأنظمة النقل، مثل استخدام التعرف على الوجه لتحديد هوية الأفراد في المعاملات الإدارية أو الوصول إلى المباني الحكومية ووسائل النقل العام.

2. أنظمة الهوية الإلكترونية

تعتمد المدن الذكية على مشاريع الهوية الإلكترونية التي تستخدم التحليل الإحصائي للبيانات البيولوجية وبنوك البيانات البايومترية لتعزيز الأمان بالإضافة إلى الاستعانة بها في تسهيل وإدارة كافة صور الخدمات وإنهاء المعاملات الحكومية، ومن الأمثلة على ذلك: -

  • بطاقة "هوية دبي" التي تستخدم بصمات الأصابع للمصادقة وتحديد هوية الشخص وتعمل على تسهيل الوصول إلى مختلف الخدمات الحكومية وإجراء المدفوعات المالية ودخول المباني والمرافق العامة.
  • تطبيق "Pass UAE" يعتبر حلاً للهوية الرقمية والتوقيع الوطني الذي يمكن المستخدمين من تعريف أنفسهم لمقدمي الخدمات عبر تطبيقات الهاتف الذكي، مما يعزز الأمان ويسهل الوصول إلى الخدمات الرقمية.

وهكذا نرى من واقع أنظمة التعرف الآلي على الخصائص الفيزيائية الفريدة للأفراد، وأنظمة الهوية الإلكترونية، أن المدن الذكية تعمل على توظيف التكنولوجيا لتحقيق الأمان وتعزيزه من خلال توفير تحكم آمن في الوصول إلى الخدمات والمرافق، أي أن هناك العديد من الفوائد عند استخدام بنوك البيانات البايومترية.

ولكن على الرغم من تلك الفوائد العديدة لاستخدام التقنيات البايومترية، إلا أن هناك تحديات واعتبارات أمنية عبارة عن مخاوف بشأن الخصوصية وحماية البيانات. تتمثل هذه التحديات في كيفية توفير ضمانات كافية لاستخدام بطاقات الهوية الإلكترونية والتقنيات التعريفية الأخرى بشكل أخلاقي وفعال، مع التركيز على حماية البيانات ومنع إساءة استخدامها.

3. نظام المدينة الآمنة من خلال المنظومات الأمنية البشرية

تتبنى المدن الذكية أنظمة شرطية أو أمنية استخبارية متكاملة لإدارة الأمن والسلامة، تهدف من ورائها إلى توفير بيئة آمنة، ومستقرة للمواطنين، والمقيمين، والزوار. من خلال مراكز للمراقبة والتحكم، وأنظمة لإدارة الطوارئ، وتقنيات للتعرف على الوجه وتحديد أو تعيين لوحات المركبات، بالإضافة إلى طائرات بدون طيار للمراقبة والاستجابة السريعة.

4. دور حوكمة الوحدات المؤسسية في تعزيز الأمن

بشكل عام، يمكن القول إن المدن الذكية يجب أن تسعى جاهدة لتوفير بيئة آمنة ومستقرة بالإضافة لأحدث التقنيات والأنظمة البايومترية؛ من خلال تبني أفضل الممارسات في توظيف خصائص ومبادئ الحوكمة المؤسسية. وتطبيقها لتحقيق مزيد من الضمانات الإدارية الفعالة والشفافية عتد تداول البيانات والمساءلة عند استخدام التقنيات والأصول المملوكة للدولة وللآخرين.  

ولكن مع ذلك، يجب على المدن الذكية العمل على الموازنة بين فوائد التكنولوجيا وضرورة حماية الخصوصية والحقوق الفردية، حتى تضمن أن تكون هذه التقنيات في خدمة المجتمع بشكل عام.

ثانياً: المحاور الخاصة بالدور المجتمعي 

للمجتمع دور حيوي وأساسي في الحفاظ على الأمن العام في المدن الذكية، وهذا الدور يرتكز على عدة محاور وأبعاد متداخلة ومتكاملة، يمكننا التعرف عليها في النقاط التالية: -

1. المواطنة الإيجابية والمسؤولية الاجتماعية

لا تقتصر المواطنة في المدن الذكية على الحقوق والامتيازات التي يحصل عليها الفرد المواطن أو المُقيم أو الزائر، بل تتعداها إلى المسؤولية الكاملة التي يتحملها تجاه مجتمع المدينة بشكل عام.

على أن تشمل المشاركة الفعالة والفاعلة في الحفاظ على الأمن، والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة، والالتزام بالقوانين والأنظمة، واحترام حقوق الآخرين.   

كما على إدارات المدن الذكية تعزيز الوعي بأهمية الأمن العام ودور كل فرد في المجتمع في تحقيقه، وذلك من خلال المبادرات التوعوية والحملات المجتمعية.

2. التعاون مع الأجهزة الأمنية

بالإضافة للمشاركة الإيجابية يجب على المدن الذكية تعظيم التعاون الوثيق بين المجتمع والأجهزة الأمنية لضمان فاعلية التدابير الأمنية.

على أن يشمل التعاون تبادل المعلومات، والإبلاغ عن الجرائم، والمشاركة في برامج الوقاية من الجريمة، ودعم جهود الأجهزة الأمنية والشرطية في الحفاظ على النظام والأمن.

بالإضافية على حماية البيانات الشخصية، وعدم نشر الشائعات أو المعلومات المضللة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي لتعزيز الأمن والتواصل المجتمعي البناء. 

3. المشاركة في التخطيط والتطوير الحضري

تعمل المدن الذكية على إشراك المجتمع في عمليات التخطيط والتطوير الحضري، مما يساهم في التمكين المجتمعي تجاه تصميم مدن آمنة ومستدامة، يتمتع فيها الجميع بالسعادة المجتمعية. 

تشمل المشاركة في التخطيط والتطوير الحضري على سبيل المثال: إبداء الرأي في تصميم المساحات العامة، وتوفير الإضاءة الكافية، وتركيب كاميرات المراقبة، وتنظيم الفعاليات المجتمعية التي تعزز التفاعل الإيجابي بين أفراد المجتمع.

حتى تصبح المدن الذكية مدن آمنة ومستقرة عليها أن توظف التقنيات التكنولوجية الحديثة، كأنظمة التعرف الآلي على الخصائص الفيزيائية الفريدة للأفراد، وأنظمة الهوية الإلكترونية، ودراسة وتحليل البيانات البايومترية، للاستفادة منها في تحقيق الأمان وتعزيزه من خلال توفير التحكم الآمن في الوصول إلى الخدمات والمرافق، وتعزيز التماسك الاجتماعي، باعتبار المجتمع هو الشريك الأساسي في الحفاظ على الأمن العام والمستفيد الأول منه في المدن الذكية، بل هو العنصر الفاعل والمؤثر الأول في تعزيز الأمن والاستقرار في كل الحالات.

تقبلوا عاطر التحايا والتقدير والشكر

المستشار الهندسي/ د. خالد موسى إدريس

مستشار أول تحول رقمي وحلول ذكية


تعليقات

عدد التعليقات : 0